الشيخ مأمون خليل محمد عبدالماجد حامد النور ( الكبير )

إعتيادية في أسلوب خط يده (وهو أعسر) كان ذلك فى جانب جمال نسقه، أناقته، أو في سرعته (الرهيبة) في الكتابة بيده اليسرى حتي علق عليه أحد الخبثاء بأنه (بِكتب زي التَلكس!).  يذكر أن والده رحب أن يراه موسوعة للعلم، إلا أنه، أيضا، نصحه بعدم العمل بعلم الحرف (علم الأوفاق، الجَبْر، أو “الزائرجة”، وهو علم سيدنا إدريس عليه السلام) حتى لا يشغله ذلك عن علوم الشريعة. كان شيخ مأمون بحق أحد نماذج التفاعل بين القديم التقليدي والحديث المعاصر فقد إصطنع له مدرسة عصرية وواقعا وأنموذجا متميزا وفريدا خرج فيه بتوليفة تجمع بين الإستجابة لمتطلبات الحداثة والتطور وبين (الإبقاء) علي ما هو موروث، بالضرورة، من السّلف. وإن كان آباؤه، مُعلميه، هم الأنموذج الأشهر والصورة الأكثر لمعانا في تفقههم وعلمهم الّلدني فإن المأمون، وبرغم قلة شهرته وبساطة مظهره، هو االمدرسة الأكثر (علمية) وتحضرا في عصره وزمانه. مما كان له الأثر الأكبر في تشكيلِ فكره وشخصيته النادرة ونسق حياته، نهله المتوازي من بحرين واسعين: أبيه عالم الظاهر وخاله عالم الباطن، فجاء نجاحه في ذاك التلاؤم والتلاقُح بين تفقه أبيه وتصوف خاله، مضافا لذلك، رصيد وافر إكتسبه من علوم حديثة عبر تعليم مدرسي نظامي بالأوسط والثانوي. لم يكتف بنهل العلوم الدينية من أبيه وحفظ الكثير من المتون والشروح عن ظهر قلب، بل إنهمك بقوة في علمي الحساب والمحاسبة Accounting فأجاد وأبدع حتي لتجده منكبا علي موادهما من كتب ومجلات إنجليزية أو مستمعا لتسجيل ميغناطِيسي ذي صلة. عمل محاسبا بالمالية، بعيد تخرجه بثانوية الأحفاد، ثم ترقى بالخدمة حتى تعين مراقبا أولا للحسابات برئاسة الهيئة القضائية (إدارة المحاكم)، ومن بعدها بوزارة الصِحة، لتنتهي مسيرة خدمته بمعهد الدراسات الحسابية بالخرطوم ثم بالجامعة الأهلية بأم درمان حيث عمل رئيسا لقسم الحسابات بها. إضافة لذلك، فقد إختاره جماعة من زملائه بديوان الحسابات لتدريسِهم (خارج ساعات دوام العمل) في اللغة العربية وعلوم التوحيد والنحو والميراث، وذلك لمعرفته الواسعة وبراعته المشهودة في إيصال العلوم. كان، رحمه الله، لا يفوت سانحة يقتنصها للذهاب للمجلس الثقافي البريطاني بحي الهاشماب، كل أسبوع لحضور عرض سينمائي أو شرائحي (علي أيام " الفانوس السحري " The Magic Lantern) - أو واحدة من مسرحيات الكاتب الك