
أهلٌ وأنساب
الحامِديّة النوريّة
الفكي عبدالماجد ( السِنّاري ) حامد النور
"أبوجلابية" بن الشريف المكي سيدي الولي محمد عثمان (الختم)، رضي الله عنهم جميعاً، وتربطه به علائق روحية حميمة. كما كانت داره ومسجده بسنار القديمة موئلا لذلك الولي الصالح يحل بها لأيام كلما قدم سنار من ديار أهله بكسلا في طريقه لزيارة والدته بمدينة (بارا) بغرب البلاد. وكان قد درج سيدي الحسن الجلوس علي (عنقريب) الفكي عبدالماجد بالفضاء الممتد أمام المسجد يتلو الذكر مستقبلا الحائط ولصوته نهيم قوي كصوت الأسد من شدة الذكر وقوته .. مع ذلك، يظل في إنتباهة ومتابعة لصيقة لمئات الحيران الصغار وهم يتلون القرآن من ألواحهم في آن واحد. ومما يدعو للتعجب أنه ومع صوت كطنين النحل يصدر عن كل ذاك الجمع الهائل من الحيران الصغار، كان سيدي الحسن يصحح كل من أخطأ منهم في قراءته في حينه! وتلك كرامة بينة. روي أنه في واحدة من تلك الزيارات المشرفة لسنار كان الفكي عبدالماجد يقوم كعادته بتدريس القرآن لصغيريه، محمد والصاوي، في وقت ظل فيه سيدي الحسن متكئا على عنقريب الفكي عبدالماجد ومستقبلا الحائط، كعادته، يقرأ (كهيعص). فطلب الإبن محمد من أخيه الصاوي، همسا، إحضار المصحف للتحقق و(التأكد) .. لإعتقاده بـ "كَسر" سيدي الحسن لهذه الآية. بفتح المصحف، إلتفت اليه سيدي الحسن قائلا: "ضم مصحفك .. روايتنا هكذا". حينها، كان والدهما الفكي قريبا منهما وسمع ذلك الحوار فأتى إبنه محمد ولطمه على خده (كَفْ) ومنبها اياه: "القرآن دا أنزل عليك أم على جَدك! القرآن دا أُنزل على جده (ص) .. إقرأ كما قرأ سيدي الحسن" ولا تجادل في ذلك. عندها، أمسك بإبنه وأتى به الحسن قائلا: "يا سيدي هذا ولدي محمد أرجو أن (تتفل) له في فيه ليكون عالماً مثلك". فإنقلب سيدي الحسن بوجهه لمحمد آمرا له فتح فاه. ففتحه وتفل الشيخ فيه تفلة واحدة. فأراد محمد أن يبصقها. إلا أن والده الفكي إنتهره قائلا: "أبلعها .. أبلعها" فبلعها محمد. يذكر أن الصاوي، الأصغر سنا، قد رفض أن يذعن للأمر. من خيرِ ما أورثه الفكي عبد الماجد السناري إبنيه من عطايا الدنيا وزاد الآخرة تدريسهم كتاب "مختصر خليل المالكي" (وهو أساس الدين وحكمته، كما قيل، بعد الكتاب الحكيم)، ثم كتاب "ألفية إبن مالك" وكانا يختتمان كل عامٍ (ختم الكتاب) والتكريم بذبح ثور. كما حثهما علي إنتهاج طريقتة الختمية والعمل بها والنهل من معينها طوال حياتهما. كذلك