
أهلٌ وأنساب
الحامِديّة النوريّة
الشيخ عبدالهادي الصاوي عبدالماجد حامد النور
و "مكشرين" عن أنياب ما كانت لتنبىء إلا عن وقوع بلية أو كارثة لا محال فيها. فتلاحقت كلماته قاسية سريعة ومعها أنفاسي، وهو يردد بالقول "الضَيّعك مُنو .. والودّرك مُنو يا شاطر؟". فأجبته باسما بكل "براءة "وإنفعال الطفولة وقد أدركت حينها خلو ذهنه من مثل تلك الجمائل، بأنها (دي "غُنية" وردي الجديدة .. جابوها في الرادي) .. لم أسمع بعدها إلاّ قولة "كِدَه؟" ولم أحس إلا بسيل من السياط يهوى علي ظهري وقدماي كالصاعقة دون رحمة يهرىء مني الجلد واللحم والعظم. كان ذلك أول لقاء تاريخي لي بعمّي الفقيه النابهة الشيخ عبدالهادي الصاوي. وأحسب أنه، رحمه الله، ما أراد بي يومها شرا ولا تنكيلا، لكنها كانت محاولة جادة منه للإصلاح تخيّر فيها أُسلوبا تربويا متعارفا، بل متفقا عليه بين (أئمة) ذاك الزمان. أما دموعي، فقد جفت بعد حين .. وما تبقى لي من تلكم التجربة المريرة، فأصبح إحتراما وإكبارا له، وحبا وتعلقا مِزاجي بالغناء والطرب إلي يومنا هذا - إذ ما زلت مع وردي، لكن مستبدلا تلك الغنية بغنية (يا أول لقاء .. يا أجمل هدية)، علني أنسى ذلك اللقاء المهيب وتلكم الهدية التربوية !
والده هو الشيخ الصاوي عبدالماجد حامد ود النور (الكبير)، ووالدته هي فاطمة بت الفكي عبدالهادي محمد أحمد من أبكار أعيان الدواليب الركابية بحلفاية الملوك، وجدته لأمه (عَرَفة) شريفية لأب شريفي من أعيان مدينة بارا. حفظ الشيخ عبدالهادي القرآن وددرس العلوم الدينية علي يدي والده الشيخ الفقيه الصاوي عبدالماجد ثم علي يدي عمه الفقيه الشيخ محمد عبدالماجد. ثم أرسله والدة مع شقيقه عبدالماجد لأم ضُبان (أم ضوا بان الحالية) ليتولى الخليفة الشيخ حسب الرسول (العبيد) ود بَدُر مواصلة أمر تعليمهما الديني، فحفظا القرآن وأجادا في دراسة العلوم الإسلامية. في فترة لاحقة، وفي بداية حياته العملية وعمره عشرون عاما حينها، عمل بداية بحياكة الملابس بدارفور موطن أهل جدته (لأمه) ثم إنتقل للعمل بنفس المهنة بمدينة أبي قوتة والتي شكلت وقتها مركزا تجاريا قويا بولاية الجزيرة. ثم عمل بعدها بدكان صغير متواضع جوار طاحونة سوق الشجرة المشهورة ببيت المال (أسفل الدردوقية) إلى أن تحول، في وقت لاحق، للعمل بالتجارة