فاطمة ( أم الحُسين ) بت محمد أحمد ( الدّود ) ناصِر

بأمدرمان جوار عيادة د. الباقر) برحيلها في صباها من تقلي ورشاد للبحر ــ ويقصد بذلك أم درمان قرب النيل. وقد أفادت بنفسها أنه تنبأ أمام أبيها بالقول ”حا تفارقي أهلك يابتي، وتمشي لي قدام هنوك للبحر وتتزوجي الراجل القصير العالم الزاهد الشحيح (أي الفقير قليل المال) والذي إتضح، لاحقاً، أنه الفكي محمد عبدالماجد حامد النور) وتجيبي منه عشرة، إلا البنية ما بتعيش !". وقد صدقت نبوءة ذلك الرجل الصالح بالفعل وكان لها ذلك .. عشرة (كما هو مبين بمشجرة العائلة) إرتحلت البنت منهم بالفعل قبل أن تسمى، ثم إرتحل أربعة من أشقائها تباعا في وقت لاحق وهم في صغر، وهم: السنوسي، البخارري، السيوفي، وعِياض. عرف عن الفكي محمد تنازله لدعوة أم الحسين له بالتوقف نهائيا عن تنزيل وِرد "المزمل" (أربعمائة مرة في الليلة!) معزية ذلك بسبب مشاكسة خدامها "روحانيييها" لها وكانت تراهم، كما أفادت بذلك، رؤية العين كأقزام صغار، بحملها (بعنقريبها) لأعلي الغرفة وتسلق ظهر زوجها وهو جالس القرفصاء يتلو الذكر. وقد كان لها إعتقاد جازم بمسئولية هؤلاء القوم عن قتل أبنائها صغارا، فظلت تحاجّه بالقول (خدامك ديل .. كتّلوا أولادي! ما دايراهم في البيت دا). في عز صباها وخلال حملة جهادية جرّدها الخليفة عبد الله التعايشي لغزو أهل تقلي لتمردهِم وعدم طاعتهم بادىء الأمر، أُخذت أم الحسين عنوة كسبية (أسيرة) ضمن ما عرف، وقتها، بـ "سَريّة تقلي" الشهيرة والتي إشتملت على العديد من السبايا وأطفال المنطقة، بل وممتلكات أهلها. وفي أم درمان أمر الخليفة (بتوزيع) النساء علي الأمراء والأعيان كما أمر الشيخ محمد عمر البَنّا والأمير حاج خالد العمرابي (إبن عم الفكي ود عبدالماجد، وكان ضمن مجلسه) المقرب، بأخذ إثنتين من النساء السبايا، إحداهن، حظية له والأخري لإبن أخيه الفكي ود عبدالماجد ("ود السارة" كما كان يناديه وشقيقة الصاوي). إلا أن الفكي ود عبدالماجد، وعملا باصول الشرع، تمسك بعدم قبوله هذه الأسيرة المسلمة (كسبية)

ووطئها بالمِلك الحر، كما أراد لها الخليفة، بل أصر على أن يعقد عليها بالولاية العامة "شرعا" لعدم وجود وَلي لها، وقتها، بأم درمان. كما، أصر على "التحقق" من جنسها ونسبها وكذا إستبرائها (إظهار براءة رِحمها) عملا بأصول الشرع وذلك بإتباع مبدأ "العَقد الشرعي" الصحيح بالإشهاد والصداق(*).  لم يألو الفكي محمد جهدا في الرعاية والعناية بفاطمة